السياحة العربية

السياحة في المملكة.. فرص واعدة وركيزة دعم الاقتصاد السعودي

القاهرة – السياحة العربية 

مما لا شك فيه أن قطاع السياحة في السعودية أصبح يتلقى دعمًا متزايدًا من الحكومة، ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والتي تهدف إلى تطوير وتأهيل المواقع السياحية والتراثية، والارتقاء بقطاع الإيواء ووكالات السفر والخدمات السياحية، وتطوير الأنشطة والفعاليات في المواقع السياحية، فضلاً عن تنمية الموارد البشرية السياحية.

وتسعى الهيئة لإكمال مهمتها بتحويل السياحة إلى قطاع اقتصادي يسهم بفعالية في الناتج القومي الإجمالي، ويدعم الاقتصاد الوطني.

جدير بالذكر، أن قطاع السياحة السعودي يسهم في تطور الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تجاوزت 7.2% عام 2011، وتجاوزت نسبة توظيف السعوديين فيه 26% من مجموع العاملين في القطاع السياحي، والذين يشغلون 670 ألف وظيفة مباشرة، كما أسهم هذا التوظيف بما نسبته 9.1% من إجمالي القوى العاملة بالمملكة بالقطاع الخاص.

وأشارت منظمة السياحة العالمية إلى أن حصة المملكة العربية السعودية من عدد الرحلات السياحية إلى منطقة الشرق الأوسط بلغت 32%. كما كشف تقرير عُرض في المنتدى الاقتصادي العالمي عن أن السعودية حصدت 76 مليار دولار من السياحة في عام 2013، أنفق منها السياح الأجانب 48 مليارًا، فيما أنفق السياح المحليون 28 مليارًا.

وفي عام 2008، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة عن اعتبار مدائن صالح (الحِجر) كموقع تراث عالمي، وبذلك أصبح أول موقع في السعودية ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي. وفي عام 2010 أُضيفت الدرعية إلى القائمة، وعام 2014 أُضيفت جدة التاريخية إلى نفس القائمة، كما تمت إضافة الفنون الصخرية في منطقة حائل سنة 2015؛ لتكون على قائمة التراث العالمي، وكذلك واحة الأحساء سنة 2018م، وحصلت المملكة على تصنيف الوجهة السياحية الرابعة ضمن المؤشر العالمي للسياحة بالنسبة لدول منظمة التعاون الإسلامي لسنة 2014.

المقومات السياحية

تُشكل المملكة العربية السعودية بُعدًا حضاريًا وتاريخيًا مهمًا من الناحية الدينية والاقتصادية.

ويُعد قطاع السياحة الداخلية من القطاعات الواعدة التي ما زالت في مراحلها الأولية؛ فيما كشف خبير في قطاع السياحة الخليجية عن أن عدد السياح السعوديين في دبي مرشح لأن يصل إلى 2.5 مليون سائح بحلول عام 2020، بزيادة 60% عن السنوات السابقة التي بلغ عدد السعوديين خلالها نحو 1.5 مليون سائح، وذلك بالنظر إلى تنامي مكانة دبي على خارطة السياحة الإقليمية وجاذبيتها لدى السياح السعوديين.

وتشير الأرقام الحديثة الصادرة عن الحراك السياحي في السعودية إلى تحقق قفزات نوعية في مدة زمنية قصيرة، وأن عوائد هذه السياحة تدخل مباشرة في مسار التنمية، وما يساهم في تطوير القطاع السياحي؛ هو أن السعودية تتميز بالتنوع، من الشواطئ إلى المناطق الأثرية وحتى الصحراء؛ ما يجذب السعودي والأجنبي على حد سواء، بالإضافة إلى عامل الأمان المتوافر في كل أرجاء المملكة.

وتشير الدراسات إلى أن حجم الإنفاق السياحي على السياحة المحلية في مناطق المملكة وصل إلى 46.3 مليار ريال في العام الماضي، وهذا يدل على نجاح تنشيط السياحة وجذب المواطنين والمقيمين إلى السياحة الداخلية.

السياحة الداخلية بديل اقتصادي

قالت الإعلامية نورة مروعي “يعتمد قطاع السياحة على موارد متنوعة متجددة تزداد قيمتها مع مرور الزمن، وعلى المنشآت الخدمية الصغيرة والمتوسطة التي تتميز باستخدام العمالة الكثيفة، وهو ذو طابع إنساني يتداخل فيه إنتاج الخدمات السياحية مع مختلف الجوانب الثقافية والاجتماعية والبيئية؛ لذا فإن لقطاع السياحة تأثيرًا كبيرًا في كل قطاعات الاقتصاد الوطني الأخرى؛ حيث تتم الاستفادة منه مباشرة، وينعكس هذا التأثير على الهيكل الاقتصادي والتكوين الاجتماعي والبيئي”.

وأضافت: “تحظى السياحة اليوم بأهمية كبيرة ومميزة؛ لكونها أهم الصناعات في العالم، وإحدى أكبر الدعائم الأساسية التي تعزز النمو الاقتصادي وتسهم في إنعاش الحركة الاستثمارية، وتوفير الفرص الوظيفية. وضمن الرؤية الوطنية 2030، قررت المملكة العربية السعودية الاتجاه للاستثمار في القطاع السياحي، وجعله إحدى أهم الركائز للتغلب على المعوقات، وتغيير مفهوم السياحة الداخلية التقليدية، وجعلها منافسة للسياحة الخارجية؛ لتحقق صناعة سياحية عالمية تصب في تنمية الاقتصاد الدولي بعيدًا عن النفط”.‏

من جهته، قال ياسين القاسم؛ من إدارة الاستثمار السياحي بإمارة منطقة جازان، “في إطار تنفيذ رؤية المملكة المستقبلية 2030، تأتي السياحة كأحد أهم روافد الاقتصاد الوطني؛ نظرًا لأهميتها سواء على مستوى التشغيل وتوفير مزيد من فرص العمل؛ وكونها من الصناعات كثيفة العمالة؛ إذ من المستهدف حتى عام 2020 توفير 1.2 مليون وظيفة، أو على مستوى مردوداتها من العملات الأجنبية؛ كونها مصدرًا مهمًّا للعملة الصعبة؛ إذ إن من المستهدف أن تصل نسبة إسهام هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، حتى عام 2020، لـ3.1%، إضافة إلى انعكاسها الإيجابي على تحسين مستوى الخدمات والبنية التحتية؛ حيث يعود ما يتحقق من دخل عن طريق هذا النشاط بصورة إيجابية على هذه المشروعات”.

وترعى الدولة المنافع المتعددة للسياحة؛ في كل المجالات “الاقتصادي، الثقافي، التراثي، والاجتماعي والبيئي”. وتحتوي المتاحف السعودية على قطع أثرية ثم العثور عليها خلال التنقيبات الأثرية الحديثة، وتغطي قطع المعرض الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم، وفترة العُبَيْد التي تعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد، فترة دلمون ثم فترة الممالك العربية المبكرة، ثم الممالك العربية الوسيطة والمتأخرة، ففترة العهد النبوي، ثم فترة الدولة الأموية والعباسية والعصر الإسلامي الوسيط والمتأخر، وأخيرًا، فترة توحيد المملكة العربية السعودية. كما يوجد أكثر من 6300 موقع تراثي وثقافي في البلاد، منها 500 ذُكرت في الشعر العربي القديم، ونحو 400 موقع آخر ورد ذكرها في السيرة النبوية، لكن تظل مكة أكثر المدن جذبًا للزوار، تليها المدينة المنورة.

وتمتد على ساحل البحر الأحمر شواطئ مؤهلة لجذب السياح، على مسافة 1800 كم من الغرب و700 كم على ساحل الخليج العربي من الشرق، وتعد مياه المملكة الدافئة وساعات النهار الطويلة نقاط جذب مهمة.

وتخطط السعودية لجذب 1.5 مليون سائح بحلول عام 2020، بالمقارنة مع 200 ألف سائح أجنبي من غير الحجاج في الوقت الراهن، وإلى رفع مساهمة السياحة في الاقتصاد من 5 إلى 18%.

(السياحة الدينية) المسجد الحرام

على الرغم من الاختلاف على مشروعية مسمى “السياحة الدينية”، إلا أن بعض المشايخ رأوا أن السياحة تأتي بمعنى الانتقال من مكان إلى مكان آخر لمشاهدة ما فيه من آثار أو للتنزه والتمتع بما فيه من مناظر أو مظاهر، أمر لا يمنعه الدين في حد ذاته، بل يأمر به إذا كان الغرض شريفًا؛ مستدلين برحلة الإمام الشافعي في طلب العلم ودعوته إلى السفر، واعتبروا أن الحج نفسه سياحة دينية وعبادة مفروضة، ولكن الأمير خالد الفيصل؛ أمير منطقة مكة المكرمة، رفض تسمية الحج والعمرة بالسياحة الدينية؛ حيث قال “لا توجد سياحة دينية في مكة المكرمة بل إنها مكان للحج والعبادة، حيث إن كل من يقصد بيت الله الحرام يهدف لأداء الفروض الإسلامية، والسياحة خارج حدود مكة والمشاعر المقدسة”.

المسجد النبوي

يُعد موسم الحج والعمرة، أو ما يعرف باسم السياحة الدينية في المملكة العربية السعودية، من أهم مصادر الدخل وإحدى أكبر دعائم الاقتصاد؛ حيث يزور ملايين المسلمين مكة والمدينة، وتُعتبر مقومات السياحة الدينية في السعودية متوافرة بشكل لافت، وهي مهيأة لكي تكون من ركائز الاقتصاد.

وتشير إحصاءات إلى أن قطاع السياحة الدينية في السعودية تمّكن من توليد 7 مليارات دولار من العوائد السنوية خلال عام 2009، فيما تشير توقعات رسمية إلى أن القطاع السياحي السعودي يساهم في الناتج المحلي بنحو 2.7%، وبالتالي يوفر أكثر من مليون وظيفة في ظل تمويل حكومي قدره 2.4 مليار ريال.

وهناك العديد من المواقع الإسلامية الأخرى، فهناك عدد من المساجد، وأبرزها مسجد قباء، والذي يُعرف بأنه موقع أول مسجد في الإسلام، ومسجد القبلتين الذي كسب اسمه من حادثة تغيير اتجاه القبلة، ومسجد الإجابة. ويحرص عدد من الحجاج والمعتمرين على زيارة عدد من المواقع، من أبرزها غار حراء الواقع في جبل النور، وغار ثور الواقع في جبل ثور، وجبل عرفة الواقع خارج حدود الحرم.

وعُرف البقيع بأنه مقبرة أهل المدينة منذ صدر الإسلام، وبالقرب من جبل أحد تقع مقبرة شهداء أُحد التي تضم 70 من شهداء أحد. كما أن هناك مواقع شهدت أحداثًا تاريخية مهمة ومفصلية في بداية التاريخ الإسلامي، ومنها سقيفة بني ساعدة، ومواقع معارك بَدْر وأُحُد والأحزاب.

وحاليًا، تشهد مناطق المملكة العربية السعودية فعاليات سياحية وترفيهية وتراثية متنوعة، خلقت أجواء منعشة، إلا أن الطبيعة الخضراء والمنتزهات البكر التي تتميز بها مصايف السعودية ما زالت تحتاج إلى تنظيم وتطوير، وتزويدها بخدمات متكاملة.

وقامت منطقة عسير بتقديم مزارعها للاستثمار السياحي، حيث قالت مواطنة من أبها، لـ “رواد الأعمال”، ” فتحت أبها مزارعها، خلال هذا العام، للسائحين، وهي مزارع متكاملة وتضم “السكن، المساحات الخضراء والأشجار المحملة بالفواكه المتنوعة”؛ حيث يتمتع السائح بالجمال والهدوء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى