الفعاليات و المهرجانات السياحية
حَزْوَة قرية لاتُنبتُ سوى النخيل والرّجال
عبد الوهاب البراري _ تونس
حزوة صبية متربعة على رمل الجنوب الأصفر, عروس ترمق بعيني غزالة شاردة قوافل القادمين من أرض المليون شهيد وكلهم طمع في الفوز بأكثر من حسن عينيها, يحطون رحالهم على ضفتي طريق يتيم يفصل واحات النخيل عن مساكن تناثرت على الجانب المرتفع من القرية كأنها تحرس واحاتها وتعانق أشعة شمسها الصباحية, لو مررتَ ذات يوم بحزوة ستحتضنك ابتسامة صِبْيَة تعلّموا أصول الأخلاق والأدب في كتاتيب آل الفضيلي أو النويصري, سيسألك عن حالك وصحتك شيخ من قبيلة الشتوي فلا تجد بُدّا من أن تتوقف إجلالا لعمامته البيضاء وجبته ذات اللون الذي يحاكي في صفرته لون رمل حزوة , يرحب بك نادل المقهى المنتصب على ذلك الخط الوهمي الفاصل بين بلد الأمير عبدالقادر وأرض الدغباجي أو الغريبي ثم يسأل ان كنت قد ضللت الطريق فيرشدك فتسحب كرسيا وتطلب قارورة ماء وأنت تبادله الابتسامة, سترمقك نظرات صباياها في حياء وتحًييك في همس لا يصل الى سمعك لكنك تفهم أنه ترحيبُ من ارتوت من ثدي الحياء في مهد قبيلة غريب , ونحتت كلمات الترحيب الصادق من تراث الجراردة أو الثوامر…
الرجال في حزوة قصائد شعر ترددها الأيام فتتغنى بها حرائرها في مواعيد الفرح, الرجال في حزوة نقش على دفاتر التاريخ في هذا الوطن… والتاريخ في حزوة هو ذاك الشيخ الذي ثبّت عصاه في الرمل وانتصب في شموخ الأنبياء, لم تأخذ السنوات من بريق عينيه وهيبته شيئا بل جعلتني أحس بصغري أمامه وكم كان كبيرا أمامي.
الرجل في حزوة هو ذاك الذي خط سنفونية الفرح ورحل فأخذها الأحفاد وزرعوها زهرا في قلوب المشتاقين للفرح في حزوة,
الرجل في حزوة هو ذاك الذي تمردت عليه دمعةُ فرح بعد أن زرع الفرح في قلوب الآخرين… فلن يموت الفرح في حزوة.
حزوة قرية ترمق باحدى عينيها أرض المليون شهيد وبعينها الأخرى أمواج رمل أصفر يعانق في رفق ما تدلى من ثوب الخضراء ملوحا في حياء الى وطن المختار…
حزوة رمل أصفر وتربة لا ينبت فيها سوى النخيل والرجال, حزوة جزء من وطن عشقته فاحتواني وتيمني, وكل قرية في وطني وطن…. عشقتك يا وطني.