مقالات

“عين تدمعُ ذَهَبًا” .. “سليانة شمس على الأرض معطاء وخيوط شمس تكتنزها الجبال” … بقلم/ عمار التيمومي | مجلة السياحة العربية .. #السياحة_العربية

الساحة العربية 

تبعد سليانة المدينة عشرة كيلومترات عن “زاما” موطن معركة حنبعل مع الرّومان بقيادة شيبو الإفريقيّ في الحرب البونيّة الثّانية. وهي تبعد عن العاصمة بحوالي 120 ميلا وهي عبارة عن سهل سكنته قبيلة أولاد عون ويُطوّق هذا السّهل عقد من الجبال الزّمرّدية.

57253398_342201586654589_1988348456778858496_n

أمّا المدينة فقد تأسّست نواتها في ختام العشرية الأولى من القرن العشرين بتنوّع سكّاني يضمّ إضافة إلى التّونسيّين جالية فرنسية وإيطالية ومالطية وبعض الجزائريّين.. أمّا السّكان الأصليّون فهم عبارة عن قبائل عربيّة انتهت إلى هناك إثر زحف الهلاليّين إضافة إلى أقلّية ذات أصول أمازيغيّة.. أمّا أولاد عيّار وهم خمسة أفخاذ ،فقد استوطنوا مدن الهضاب بسليانة كما سكنوا بتفاوت مناطق شتّى من المحافظات السّبع التي تُشمس عليها مدينة سليانة (وهي القيروان وزغوان وباجة وجندوبة والكاف والقصرين وسيدي بوزيد)

57364749_911633722561746_6025571002954547200_n

أمّا النّشاط الاقتصادي الرّئيسيّ في هذه الجهة فهو الفلاحة وأساسا الزّراعات الكبرى وحديثا انفتح الفلاّحون أكثر على الأشجار المثمرة من زيتون وتين ونحوه.. وتنشأ بسليانة بعض المنشآت الصّناعية التّحويلية والتعدينية والتّجميعية تتوزّع على مناطق صناعية خمس…

58754965_361037967870349_5603905351649853440_n

علاوة على أن سليانة إطار خصب لتربية الماشية أغناما وماعز وبقرا…. وبمدينة سليانة أحياء أهمّها حيّ الأنس وحيّ الرّياض وحيّ الجمهورية وحيّ الفردوس وحيّ فرحات حشّاد وحيّ المنجي سليم وأغلبه من جلاص وحيّ النّور وحيّ الزّهور المعروف أيضا بقاع المزود وحيّ البساتين وحيّ النّزهة وحيّ البريد وحيّ الطيّب المهيري وغيرها.. ووجوه النّساء فيها بسّامة في خفر يزينه فاحم الشّعر ودقيق الحواجب وبارق المُقل وسواعد الرّجال نشيطة والأكفّ مِعطاء وحكاياهم مليحة وعيونهم خزائن أملٍ…

58737318_2235495776700421_4034537749234057216_n

وتنتشر بمحافظة سليانة مدن كثيرة لعلّ أهمّها مكثر وبوعرادة وقعفور والعروسة وسيدي بورويس والرّوحية والكريب وكسرى وغيرها.. إلاّ أنّ الجامع بينها طابع ريفيّ فلاحيّ ميّال إلى البساطة في المعمار فبيوتهم مُوطّأة ومسالك مدنهم يسيرة بخلاف ثنايا جبالهم المعطوفة على الالتواء والوُعورة والغابات تكسو سنام الجبال الشّامخة…

58707987_447990579281773_3290156432925655040_n

ومن أهمّ المواقع الآثاريّة في سليانة “زاما” حيث دارت المعركة الأخيرة بين الرّومان وحنبعل قائد القرطاجيّين إضافة إلى مدينة كسرى البربريّة ذات العين الخرافية ومكثر الرّومانيّة ذات المصاف العالي والعمامة الثّلجية. ونظرا لخصوصيّة مقاطعة سليانة الجغرافية فهي مناطق جبليّة خلاّبة غنيّة بالكهوف والمغاور ممّا اهّلها لتكون من أهمّ مواقع الاستغوار في تونس وفي العالم أيضا .. تحتوي سليانة على أعمق مغارة بالبلاد التّونسية وهي مغارة “عين الذّهب” والواقعة بجبل السّرج وهو ثاني جبل في تونس من حيث ارتفاعه بعد جبل الشعانبي..

58682373_486079925467766_4722743431636451328_n

تصل إلى المغارة عبر مسلك جبليّ وعر يناهز الأميال الأربعة ويظلّ بحاجة إلى تهيئة ليكون مسلكًا رياضيّا نموذجيّا يستهوي هواة السّياحة الرّياضية .. تبلغ مرادك بين أشجار فيحاء فتلجها مغامرًا وكأنّك تتجاسر على أعماق التّاريخ والجغرافيا في آن واحد…

58793273_611264022723489_1981375074862628864_n

تمتدّ هذه المغارة السّحرية حوالي 3000 متر في عمق الجبل. وهي تحتوي على تسع تجويفات منفصلة يخترقها نهر جوفيّ. ولعلّ اللاّفت أكثر في هذه المغارة التي تكوّنت على امتداد ملايين السّنين نوازلها وصواعدها البلّورية الرّفيعة التي تشكّلت من نوازل القطر في كهوفها فنتجت عنه إبرٌ بلّورية عملاقة لعلّها الأهم في العالم والتي سُحب كلسها من قبل القطر المنهمر من الأسقف فتحصّلت لدينا في هذه المغارة ثروة مشهدية طبيعية. وتشكيلات لونية وتصاوير باهرة تخلب أنظار الزوّار وتسلب لبّ المستغورين من كلّ أنحاء العالم إذ يقفون على تشكيلات بلّورية نادرة تفنّنت مكوّنات الطّبيعة في سبكها ونظمها نظمًا فنيّا يسحر العيون وتنحبس لمرآة الأنفس. وتحار العقول في تبرير جيّد الحبكة وترحل في عوالم الطّبيعة وأسرارها ، تتوسّل العلوم من جيولوجيا وعلم طبقات الأرض وعلوم التاريخ وحياة الأرض للتوصّل إلى أسرار هذه المنجزات الطّبيعيّة الخارقة فتستحيل الأرض أنثى صناع اليد تصنع حليّها بيديها وتكنزه في جوفها منتظرة خُطّابها من فوارس الاستغوار ليقفوا على بهائها النّضر وجمالها السّاحر.

58809840_833255890374989_1655288418877308928_n

فسليانة ما اكتفت ببهائها الظّاهر وثروات أرضها النّاتجة عن الأنشطة الفلاحية زرعا وضرعا ولم يقف زائرها على بدائع الرّومان بمكتاريس ومنجزات البربر بكسرى الجبل المنيع ولا مخازن القمح والشّعير يحجّ التونسيّون من كلّ الجهات لجمع محاصيله فيتذوّقون فاتن الطّعم من ثمرها وعسلها ولبنها ولحم ضأنها الفاخر وغير ذلك من لذائذ هذه المدينة النّاعمة بل إنّ الأرض بسليانة كنزت ثرواتها في تجاويف مغاراتها ولعلّ أبرزها في انتظار مزيد من الاكتشاف عين الذّهب مفخرة البلاد خازنة قلائد تونس…(ننتظركم بعين الذّهب).

58883006_526793167850270_3876514147088728064_n

58933316_1479373165531554_6345321057464877056_n

58933416_2126065350764096_307796898532556800_n (1)

58933416_2126065350764096_307796898532556800_n

58943334_630803514013604_2559597944873418752_n

59106131_378198802782078_5103773083093696512_n

59144718_358377041449357_5523580065826209792_n

59253030_415161895932819_6290908043777409024_n

59285820_2248999741846675_5573217694355816448_n

59285870_278810879730808_7662597238069133312_n

59321424_354572378742910_4152521175165042688_n

59352503_2130428183713726_4350881563966177280_n

59420367_331825054082000_4661237206445195264_n

59461512_405132960322077_2469100123498479616_n

59596945_358773194763468_5620044146531106816_n

59615406_665183913903328_3070698597830885376_n

59837270_2206907702972657_1608471986860720128_n

59902496_1354524864687372_3996184451489988608_n

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى