مقالات

السياحة بين العزوف والنشاط في زمن الكورونا

بقلم – مروان الزبيدي

كورونا مرض العصر الذي لم يكتفي انه اجتاح العالم، ليوقف عجلة النشاط والاقتصاد، بل انه عزل العالم عن بعض لدرجة انه تسلل للوطن الواحد فجعل الكل يترقبون اخباره من وسائل الاعلام وهم جالسين في المنزل.

متى تنتهي تلك الازمة ليعود الجميع الى ممارسة هواياته المعتادة واعمالهم وانشطة الحياة المختلفة،

وهل من المؤمل ان تنتهي فعلا ام يمكن ان يعلن الله نهاية العالم واقتراب الساعة، افكار وتساؤلات كثيرة تزيد الامور سوءا وتبعث على اليأس والحسرة وربما تقلل المناعة الجسدية السلاح الوحيد الذي يحتاجه للانسان اليوم للوقوف بوجه الفايروس بعدما اعلن العلم والعلماء انهم يحتاجون للمزيد من الوقت غير المحدد للوصول الى علاج او ربما للقاح من اجل مجابهة طاعون العصر الذي لقب بكورونا.

لكن لو نظرنا من زاوية اخرى الى الجانب المشرق من كورونا لاكتشفنا انه يكمن في سحر الطبيعة ووحدة العائلة والقرب من الرب في كل بقاع العالم، فهذا الوحش الجرار قد اجبر الاب للبقاء اخيرا في البيت الى جانب ابنائه بعدما كان يقضي اكثر من نصف وقته بالعمل خارج المنزل والنصف الاخر بين النوم والخلوة، والام الى احتضان ابنائها واظهار الحب والعناية الازمة والتي بدأت تتضائل يوما بعد يوم بسبب مصاعب الحياة المعيشية او وسائل الالهاء الاجتماعي وغيرها.

اصبح الكل يجتمع وهو يراقب اخبار كورونا في التلفاز او يشاهد الفلم وقضاء امسية هادئة او للاستمتاع بحكايات الجد والجدة التي باتت تنطمر كغيرها من جماليات الاجيال وبالتالي يمكن القول إن هناك تأثير إيجابي لكورونا.

اما الصحة والنظافة فقد نالت جانبا مشرق ايضا بالرغم من الاصابات التي تزداد وتيرتها بشكل ملفت للنظر، الا اننا لن ننسى ان الانسان اصبح متيقنا الى اهمية النظافة والتغذية الصحية والعودة لثمار الطبيعة بدلا من الاعتماد على ادوية كيمياوية تضعف المناعة من جهة واعلنت عن ضعفها في مواجهة هذا الوحش المجهول من جهة اخرى، فالقوة البدنية والمناعة القوية كفيلة لانتاج المضادات الجسدية لمحاربة الفايروس وفقا لمكنون قدرة الباري عز وجل في خلق الانسان، فضلا عن نظافة الطرق بفضل حملات التعقيم وإجراءات تقيد حرية تحرك المواطنين.

والطبيعة ستخرج المنتصر الوحيد من ازمة كورونا، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية التى أصدرتها ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية انخفاضا حادا في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين التي تطلقها السيارات ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية فى مدن صينية كبرى بين يناير وفبراير، وذلك بعد انتشار كورونا.

وبحسب تلك الصور اختفت تقريبا السحابات المرئية من الغازات السامة التي عادة تحوم فوق المنشآت الصناعية.

ويرى خبراء أن تلك الخطوات المتبعة للحد من كورونا هي عامل اساسي يساهم في تنظيم الهواء ميكانيكي.

وبذلك بدأت الطبيعة تعلن عن انها تستعيد الحياة والجمال الذي فقدته منذ مئات السنين الناتج عن التلوث من تشغيل المصانع وكثرة استخدام المحروقات النفطية حول العالم.

واخيرا تعلن منظمة الصحة العالمية عن ضرورة ايقاف الحروب في العالم للتصدي لعدو مشترك واحد لا يرى بالعين المجردة، والتحول الى المواجهة بعد ان فشل خط الدفاع والانعزال في ايقافه، بهدف الاعلان عن تقرير المصير والدفاع عن استمرار البشرية ومواجهة المرض ففي الوقت الذي يعلن يوميا عن وقوع ضحايا يقدورن بالالاف من البشر من ضحايا الحروب ، يقف الجميع اليوم يدا بيد ليتسلح بالعلم وحده بعد ان اجهض التخلف والدجل ورفع توصيات الفشل والاستسلام.

اذا في ظل الازمة يبقى الوجه المشرق غائبا لكن لفترة معينة يحسم نتيجته ربما العلم من خلال اكتشاف المصل والعلاج وربما الطبيعة ذاتها التي قد تعلن باي وقت عن الانتصار والمقاومة بعد تغيير حالة الجو واشراق شمس الغد، فعدونا المجهول قد تقوى وتطور بعد ان تسلح بفضل التلوث البيئي، دون ان نشعر واليوم ودون ان نتعمد وفي رسم خططنا الدفاع للوقاية ربما نحن نعمل فعلا على اضعاف هذا المخلوق لكن بحماية الطبيعة من التلوث.

وفي مجال الاستثمار والاقتصاد اعلن ان المنتصر الوحيد من كل ذلك في النهاية سيكون عالم السياحة فالطبيعة البشرية الاجتماعية تتشوق اليوم ليس الى الانتهاء من الازمة والعودة الى العمل والطلبة الى المدارس فحسب بل من اجل افراغ الطاقات المكنونة بالتجول والعودة الى احضان الطبيعة الام واستنشاق الاوكسجين الذي اصبح اكثر نقاءا بعد توقف المئات من المصانع العملاقة في كل بقاع العالم، فضلا عن السيارات خلال رحلة فرض التجوال.

وهنا سيكون مجال السياحة الملجئ الامن والمجال المضمون للربح والاستثمار به خاصة بعد ان تعلن الطبيعة انها الوسيلة الامثل والاكثر امانا في حماية الانسان فهي تزيد الطاقة والمناعة والاسترخاء من جهة وتجمع الاسرة في احضانها من جهة اخرى ولا ننسى الى قدرتها في تقديم كل ما يحتاجه الانسان من غذاء ودواء.

ولعل رسالة كورونا الاخيرة ستجبر العالم الى التفكر والتعقل والوحدة وترك الاطماع والاحقاد ومحاولة رعاية الجمال الرباني للطبيعة الام الذي اعلنت انه الحضن الامن والوسيلة الدفاعية الفعلية لحماية البشرية واستمرار الحياة فهي التقديس الرباني الحقيقي فالازمات تكشف المعادن كما يقال في الامثال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى