مجلة سعودية حائزة على جائزتي أوسكار

ترخـيص إعـلامي سـعودي رقــم: 160495

ترخيص إعلامي من لندن رقم: 16321584

«تقرير» يرصد أبرز التوقعات في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي

شارك

السياحة العربية 

أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء إلى عدد من التقارير الدولية التى ترصد التطورات السريعة التى يشهدها قطاع التكنولوجيا، ومن ذلك تقارير لعدد من الجهات والمؤسسات الدولية أبرزها منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، وبروجيكت سينديكت (Project Syndicate) وذلك فى إطار رصد وتحليل كل ما هو متعلق بالتقارير الدولية التى تتناول الشأن المصرى أو تدخل فى نطاق اهتماماته.

 

وتكشف مؤشرات الميزة التكنولوجية النسبية أن بعض الدول تتميز فى مجالات محددة؛ على سبيل المثال، ألمانيا فى طاقة الرياح (٤.٣) نقطة، والهند فى تقنيات النانو (٣.٠) نقطة، واليابان فى السيارات الكهربائية (٣.٠) نقطة، فى حين تتصدر دول أخرى مجالات مثل شبكات الجيل الخامس والطاقة الشمسية والمركبات الذكية.

 

وشهد الذكاء الاصطناعى تطورًا عبر ثلاث موجات: الأولى فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، والثانية فى التسعينيات مع انطلاق تقنيات التعلم الإحصائى، والثالثة حاليًّا مع تقنيات التكيف السياقى والنماذج اللغوية الكبيرة. وبرزت تطبيقات مثل (ChatGPT) و(DALL-E) و(Sora) كمحركات للجيل الجديد من الذكاء الاصطناعى التوليدى، مع توقعات بنمو سوق هذا القطاع من ١٣٧ مليار دولار عام ٢٠٢٤ إلى ٩٠٠ مليار دولار عام ٢٠٣٠.

وفى هذا الصدد، ترتكز طفرات الذكاء الاصطناعى على ثلاثة محاور رئيسية: البنية التحتية، والبيانات، والمهارات. إذ تعتمد النماذج الحديثة على قدرات حوسبة هائلة، وبيانات ضخمة عالية الجودة، وكفاءات بشرية متخصصة. وتُظهر التقديرات أن النمو المتسارع فى هذه المجالات يولّد حلقات تغذية راجعة إيجابية تسرّع من الابتكار والتحول الرقمى.

 

وأضاف التقرير أن الذكاء الاصطناعى يرتبط بالتقنيات الأخرى بطرق تكاملية. على سبيل المثال، تعزز تقنيات إنترنت الأشياء قدرات المراقبة الذكية، بينما تساهم سلاسل الكتل فى رفع أمن البيانات. كما يستخدم الذكاء الاصطناعى فى تحسين أداء الطباعة ثلاثية الأبعاد، والروبوتات، والطائرات المسيّرة، فضلًا عن دوره فى تعزيز تقنيات الطاقة النظيفة والبيولوجيا الجزيئية.

 

ويمثل الذكاء الاصطناعى لبنة رئيسة فى الثورة الصناعية الخامسة، حيث تتسم هذه المرحلة بالتعاون بين الإنسان والآلة، والاستدامة، والتخصيص. ويدعو إلى إعادة توجيه الابتكار من التركيز على الكفاءة نحو تلبية الاحتياجات المجتمعية وتعزيز رفاهية الإنسان، ما يستدعى سياسات شاملة تراعى الجوانب الأخلاقية والاجتماعية.

 

وأكد التقرير أن الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والنامية تتطلب ضرورة تعزيز التعاون الدولى، فالدول النامية لا تزال تعانى من نقص فى مراكز البيانات والحوسبة الفائقة، وتفتقر إلى البنى التحتية اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعى، ويدعو التقرير إلى تطوير إطار عالمى شامل لحوكمة الذكاء الاصطناعى، يُعزز العدالة الرقمية ويضمن توزيعًا منصفًا للمنافع التكنولوجية.

 

وسلط المركز الضوء أيضًا على تقرير بروجيكت سينديكت (Project Syndicate) والذى جاء بعنوان «هل سيقلص الذكاء الاصطناعى فجوة التنمية أم يوسعها؟» والذى أشار إلى أن الذكاء الاصطناعى لا يضمن تلقائيًّا تحقيق العدالة أو تقليص الفجوة التنموية، بل يتطلب تدخلًا من الحكومات والمجتمع المدنى لتوجيهه نحو خدمة الصالح العام. ويحذر التقرير من أن سيطرة السوق والتركيز على الأتمتة واستغلال البيانات الشخصية قد يزيد من التفاوتات بين الدول، خصوصًا فى ظل ضعف البنية التحتية فى البلدان النامية.

 

أوضح التقرير أن الذكاء الاصطناعى يُطرح اليوم كذروة الابتكار البشرى نظرًا لإمكاناته الهائلة فى تحويل الصناعات وتحسين حياة البشر، لكن السؤال المطروح هو: هل ستعود هذه الثورة التكنولوجية بالنفع على الجميع أم ستعمق الانقسامات القائمة؟، وهنا يعتمد الجواب على كيفية تطوير التقنية ونشرها وتنظيمها، إذ إن ترك الأمور لقوى السوق فقط سيجعل الفوائد محصورة فى نطاق ضيق يُقدِّم الأرباح على البشر.

 

وبحسب التقرير، يشهد العالم انخفاضًا ملحوظًا فى تكلفة تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعى، فبينما كلّف تدريب نموذج (GPT-٤) نحو ١٠٠ مليون دولار، أظهرت تجارب حديثة فى الصين أن نماذج مشابهة يمكن تطويرها بتكلفة أقل بكثير. وهذا التحول قد يُمكّن البلدان النامية من الوصول إلى هذه التقنيات واستغلالها، بشرط اتخاذ قرارات واعية تضمن الشمول بدلًا من الإقصاء.

 

وأشار التقرير إلى أن استثمارات الذكاء الاصطناعى تُوجَّه حاليًّا نحو الأتمتة واستغلال البيانات الشخصية، وهى توجهات تعزز تركيز السلطة والثروة وتؤدى إلى زيادة عدم المساواة. وغالبًا ما تركز الحكومات على الكفاءة الفنية عند تقديم الدعم، متجاهلة الأبعاد الاجتماعية، ما يفاقم المشكلات المرتبطة بانعدام العدالة فى توزيع المنافع.

 

وعندما تُستبدل الوظائف البشرية بالتكنولوجيا دون بدائل واضحة، تظهر نتائج اقتصادية واجتماعية وسياسية غير مستقرة. لذا من الضرورى إعادة توجيه الحوافز العامة نحو مشاريع الذكاء الاصطناعى التى تستجيب للاحتياجات الاجتماعية مثل التعليم والصحة ومواجهة التغير المناخى، مع التركيز على تمكين الإنسان لا استبداله.

 

ورغم الحاجة للاستثمار، فإن تركيز رأس المال الاستثمارى على مشاريع مبالغ فى أهميتها مثل الذكاء الاصطناعى العام يضعف التوازن بين الابتكار والجدوى الاجتماعية، حيث إن توجيه جزء من هذه الاستثمارات نحو نماذج ضيقة الأهداف كالتشخيص الطبى والتنبؤ بالكوارث قد يحقق فوائد مباشرة للمجتمعات.

 

وأكد التقرير أن الدول منخفضة ومتوسطة الدخل لا تزال تعانى من ضعف البنية التحتية ونقص المهارات والموارد، مما يحد من استفادتها من الذكاء الاصطناعى. وإن لم تُعالج هذه العوائق، فإن الفجوة التقنية ستتسع، وستُفاقم من التفاوتات الاقتصادية بين دول الشمال والجنوب.

 

وفى مجال الصحة، يمكن للذكاء الاصطناعى أن يُحدث ثورة عبر توفير الطب الشخصى وتشخيص الأمراض بدقة وتسريع التدريب الطبى فى المناطق الفقيرة. فحتى فى البيئات محدودة الموارد، يستطيع الذكاء الاصطناعى أن يحسّن كفاءة الأنظمة الصحية بشكل كبير.

 

وعلى صعيد التعليم، تُظهر الأنظمة التعليمية التكيفية التى تعتمد على الذكاء الاصطناعى قدرة على تقديم محتوى مُخصص، وسد الفجوات المعرفية، وزيادة فاعلية التعلُّم. كما يمكن أن تُسهم فى تحسين فرص التوظيف للفئات المهمشة من خلال تسهيل اكتساب المهارات واللغات.

 

وتحقيق هذه الفوائد يتطلب تعاونًا عالميًا، لاسيما عبر مبادرات الجنوب-الجنوب التى تطور حلولًا تتناسب مع واقع الدول النامية. ومن خلال تبادل المعارف والشراكات المتكافئة، يمكن لتلك الدول تقليص الفجوة التقنية وضمان توزيع أوسع لمكاسب الذكاء الاصطناعى

 

ولكى لا تُستغل هذه التقنية لأغراض ضارة كالمراقبة الجماعية أو نشر المعلومات المضللة، يجب وضع أطر تنظيمية عالمية تركز على الشفافية، والسيادة على البيانات، ومنع الضرر، وضمان العدالة فى الوصول. ويمكن للمجتمع المدنى أن يلعب دورًا حاسمًا فى الضغط لضمان توجيه الابتكار نحو المصلحة العامة.

 

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *