مقالات

نقص المهارات الرقمية في مصر والقارة الافريقية و أثر ذلك على القطاع الاقتصادي والسياحي.

 

بقلم/دكتور حسام درويش

هناك عاملان رئيسيان في فجوة المهارات الرقمية التي تؤثر على القطاعات المختلفة بنسب مختلفة.

العامل الأول وربما الأكثر إلحاحا هو نقص المهارات الرقمية بين القوى العاملة الموجودة بالفعل والتي تعمل على الارض حاليا وهي بالمناسبة مشكلة عالمية وليست مصرية فقط .

العامل الثاني هو عدم وجود خريجين مدربين تدريباً جيداً لشغل الوظائف الرقمية في كل القطاعات وفي قطاع الصناعات التكنولوجية المتنامية.

وهذا النقص بطبيعة الحال يمثل مشكلة خاصة للاقتصادات المتقدمةو العديد من الشركات الكبيرة والتي بها اعداد كبيرة من العاملين غير قادرة على اعتماد التقنيات العالمية الرقمية الحديثة لعدم وجود الخبراء بالعدد الكافي في هذا المجال .

وبالطبع كلنا نعلم انه  يمكن أن يمثل رفع مستوى القوى العاملة المدربة بالفعل لتكون قادرة على العمل مع أو حتى تطوير المنتجات الرقمية تحديًا هائلاً  ومع ذلك فإن الشركات التي تفشل في مواجهة هذا التحدي من المحتمل أن تحل محلها الشركات التي تفعل ذلك  أو الشركات الجديدة التي التي لديها عمالة تمتلك هذه المهارات الرقمية.

و إذا نظرنا الي الاقتصادات النامية في قارتنا الافريقية وخاصة الدول او الاقتصادات التي تركز على التكنولوجيا ومصر اولها   معرضة بشكل خاص للعامل الثاني الذي ذكرته  المتمثل في عدم كفاية أعداد خريجي تكنولوجيا المعلومات.

فمعظم الدول تجري نحو التحول الرقمي واستخدام التكنولوجيا دون ان تستعد باعداد من الخريجين مؤهلين عمليا ونظريا فمعظم الخريجين للاسف غير مدربين عمليا نهائيا  هذا الحال يتطلب تغيير مناهج التعليم وتطوير برامج الدراسة الي 50% نظري و50%عملي ويجب ان يتخرج الشاب مؤهل للعمل في هذا السوق .

وبالطبع لسد هذه الفجوة يجب العمل على انشاء المدارس التكنولوجية والمعاهد التكنولوجية والجامعات التكنولوجية ولا مانع ابدا من ابرام بروتوكولات التعاون مع من سبقونا في هذا المجال .

بالاضافة الي ارسال البعثات من الشباب الواعد الي الخارج لمدة ثلاثة الي ستة اشهر للحصول على دورات تدريبية في هذا المجال ليعودوا مدربين متميزين .

التحول الرقمي في قطاع السياحة:

من المتوقع أن يزداد عدد الوافدين السياحيين في جميع أنحاء العالم بنسبة 3.35 في المائة كل عام حتى عام 2030 (UNWTO) ولكن مع الانتشار والتنامي للرقمنة والذكاء الاصطناعي حدث تغيير كبير في نوعية الوظائف وأصبحت المهارات الرقمية أكثر أهمية من أي وقت مضى ، كيف ستقوم الصناعة بإعداد قوتها العاملة في المستقبل للاستفادة من الفرص التي يقدمها هذا التحول ؟

وأنا اؤكد لحضراتكم ان استخدام التكنولوجيا لن يقضي ابدا على العمالة بل اتي ليساعد في تسهيل مهمة الموظفين في هذا القطاع ولتسريع الخدمة والقيام باعمالهم بفعالية اكثر .

وفي قطاع السياحة والسفر  دخلت السوق مجموعة من الحلول والأفكار التقنية الجديدة هذا العام و من المتوقع أن ينمو سوق السفر عبر الإنترنت إلى 817 مليار دولار في نهاية 2020.

وهذا القطاع أضاف رقما قياسيا بلغ 8.8 تريليون دولار إلى إجمالي الناتج المحلي العالمي في العام الماضي – أي 10.4 في المائة من إجمالي النشاط الاقتصادي في العالم ، هناك خطوات هائلة يتعين اتخاذها في التحول الرقمي لإدارة  هذه الكميات الهائلة من البيانات ولتلبية توقعات العملاء.

والتحول الرقمي امر لابد منه في هذا العالم وبصفة خاصة لقطاع السياحة والسفر حيث حان الوقت للاستثمار الفعلي والحقيقي في السياحة الالكترونية وعدم دخول الكل الي هذا العالم يمكن ان يؤدي الي اختفاء لديناصورات السياحة المعروفة وظهور كيانات جديدة تماما لم تكن معروفة من قبل .

وثاني نقطة هنا هي البيانات الكبيرة وعلاقاتها بالسياحة والضياقة  فالجميع اتجه الي الذكاء الاصطناعي والي الاستثمار في هذا المجال عالميا واعتقد اننا في مصر وافريقيا لازلنا نحبو ببطء في هذا المجال فالاحصائيات العالمية تقول ان شركالت السياحة والسفر الالكترونية او عبر الانترنت سوف تضع 70%من استثماراتها في البرامج القائمة على الذكاء الاصطناعي و 52%من شركات الطيران العالمية سوف تستثمر ايضا في هذا المجال فمثلا وهو مثال بسيط من السهل جدا ان تخاطب عبر برنامج الدردشة شركة سياحة او شركة طيران ويرد عليك انسان آلي ( روبوتات) وهو امر آخذ في التطور بطريقة مذهلة لدرجة انك من المستحيل ابدا ان تميز ان الذي يرد عليك هو انسان آلي  ونسال هنا انفسنا اين نحن من كل هذا .

ومن هنا ياتي السؤال هل هذا التطور في هذا الشق بالتحديد سوف يقلص الايدي العاملة ؟ من وجهة نظري لا بكل تاكيد  ففوائد تحرير الموظفين من العمليات اليدوية والمتكررة سوف تسمح لهم بالتركيز على المزيد من المهام الإبداعية والإستراتيجية بعيدا عن التكرار والروتين.

وهذا ينطبق على مكاتب الاستعلامات والبوابات الالكترونية  والرد على التليفون والنداءات في المطارات وخلافه .

سيتم أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع تقنيات التعرف على الوجه والصوت – وهو اتجاه متنام آخر في عام 2020 .

النقطة الثالثة هنا كما ذكرنا مسبقا  المهارات الرقمية – إعداد القوى العاملة في قطاع السياحة والسفر .

مع استمرار التحول الرقمي  في التنامي على قدم وساق وبسرعة كبيرة سيصبح نقص المهارات الرقمية في القوى العاملة مشكلة بارزة جدا  وهنا ستلجا الشركات السياحية الي الذكاء الاصطناعي قدر الامكان حتى في مستوى الفنادق الفردية  إلى العمل جنبًا إلى جنب مع الخبراء في مجال تكنولوجيا السياحة القليلي العدد بالفعل .

وهنا  يلزم إجراء مزيد من الاستثمارات في برامج التعلم والتطوير لمواكبة التكنولوجيا والعمليات الجديدة  و على الرغم من أن الموظفين قد يكونوا قادرين على استخدام المنصات الرقمية  هناك طلب كبير على المطورين ومحللي البيانات لتحسين أداء الأنظمة ولا حل ابدا الا بالتدريب والتركيز على تطوير برامج التعليم بالمدارس والجامعات والمعاهد السياحية ومراكز التدريب ايضا  .

بالإضافة إلى ذلك ستؤدي المنصات الرقمية “من جهة نظري” الجديدة إلى تحسين مستوى ما كان عليه البشر دائمًا – المهارات الانسانية التي تعتمد على الود والرحمة التي هي اساس العمل في قطاع السياحة و الضيافة.

ستكون النتيجة الأخرى للتحول الرقمي في قطاع السياحة والسفر  هي زيادة التعاون بين الفرق والإدارات و تكامل الأنظمة والبيانات يعني أنه لا يمكن لأحد التصرف من تلقاء نفسه وكانه في جزيرة منعزله عن الآخرين بعد الآن يجب أن يكون الموظفون مرتاحين لدمج مهامهم ومهاراتهم مع مهام مجالات العمل الأخرى من أجل مشاركة البيانات لتحقيق أقصى قدر من الإمكانيات.

 الخلاصة ان الكل سوف يتكامل ويعمل في اطار فريق عمل الكل يكمل بعضه البعض.

التحول الرقمي في قطاع السياحة سوف يضاعف من ارباح شركات الطيران وسيحقق الاستفادة القصوي للفنادق وسوف يزيد من ارباح شركات السياحة عبر الانترنت .

وسالخص هنا التحديات التي تواجه رقمنة السياحة ببساطة:

  • نقص المهارات والمعرفة والشعور بالقلق لدي الموظفين الغير مدربين .

  • القضايا الاستراتيجية المرتبطة بالرقمنة مثل التكلفة واختيار التكنولوجيا المناسبة وكيفية البدء وايجاد الاستشاري الامين واقناع الموظفين القدامي واقناع المدير الخ…..

  • صعوبات الرقمنة وتحديات التكنولوجيا التي قد تكون معقدة احيانا وصعوبة اتخاذ القرار وضرورة العثور على الاستشاري الامين في ظل وجود آراء مما يدعون العلم والفهم وسهولة الرقمنة ويؤثرون بكل تاكيد على قرار المدير مما يوقف مسيرة الرقمنة.

  • الانترنت ومشاكلة في الدول التي يقدم فيها مقدموا الخدمة خدمات متدنية جدا رغم اعلانهم عن العكس والمغالاة في الاسعار احيانا وخاصة خارج العواصم .

  • مشاكل وقضايا التكنولوجيا والتشغيل مثل التشغيل ومواجهة الفيروسات مثلا فقدان الداتا احيانا و البرامج القديمة المستخدمة التي عفا عليها الزمن .

  • عدم وجود الخريج المدرب عمليا الجاهز للعمل مما يزيد من تكلفة العمل وعدم وجود وسيلة موثوق بها لتدريب الموظف او العامل .

ومن هنا واسوة بالعالم كله يجب ان تنتبه وزارات السياحة وغرف السياحة والفنادق والطيران في العالم كله الي تقديم ما يلي لشركات السياحة والسفر والطيران :

  • ضرورة انشاء منصة للسياحة الرقمية :

هذه المنصة السياحية هي محطة واحدة لتحسين إنشاء وإدارة وتعزيز وتوسيع الأعمال التجارية السياحية و تتضمن الكثير من المقالات والبرامج التعليمية وأدوات الإنترنت وروابط لأفضل الممارسات لمساعدة رواد الأعمال في التعرف على إدارة أعمال السياحة في العصر الرقمي وتقدم لهم كل ما هو جديد في هذا العالم اولا باول .

  • إقامة ندوات عبر الإنترنت حول الرقمنة في السياحة:

ضرورة إقامة  الندوات عبر الإنترنت لتقديم إرشادات حول استخدام التقنيات الرقمية بواسطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (SME) في صناعة السياحة. تركز ندوات الويب على مهارات التسويق الرقمية والإلكترونية ومهارات التسويق عبر الإنترنت التي تساعد شركات السياحة على الاستجابة لتطور الرقمنة في السياحة والاتجاهات الحديثة في استخدام السياح للتكنولوجيا لاكتشاف وتخطيط ومشاركة تجارب السفر الخاصة بهم وتستضيف الخبراء من كل انحاء العالم في هذا المجال .

  • الحملات الترويجية المستمرة للسياحة الرقمية – الرقمنة كمحرك للنمو لشركات السياحة وايضاح ضرورة الاستثمار في هذا القطاع الهام.

إقامة سلسلة من ورش العمل المحلية بمساعدة الخبراء المحليين ورجال الأعمال ، ومناقشة موضوعات مثل اقناع البنوك بتمويل مشاريع التحول الرقمي لقطاع السياحة  والمهارات الرقمية المستقبلية والتطور في هذا المجال  وكيف يمكن أن يساعد التوجه الرقمي فتح الاسواق الجديدة والوصول للسوق المستهدف بكل سهولة ومضاعفة الارباح عبر الانترنت ورفع مستوي الاسعار للفنادق .

  • انشاء بورتال سياحي متطور به احدث تكنولوجيا في العالم للقارة لتسويق المقصد السياحي لكل بلد وعلى سبيل المثال نسوق الاقصر في مصر كمقصد مستقل مع مراعاة ايضا ان نسوق المسارات السياحة كمسارات مستقله فهذا هو الاتجاه الجديد ( مهندس عادل الجندي مؤتمر كلية السياحة جامعة الفيوم 2020) او نسوق الخرطوم كمقصد سياحي مستقل في السودان .

  • يجب العلم ايضا ان الصناعات الحرفية والتقليدية ليست بمعزل عن السياحة فيجب انشاء بورتال لتسويق وبيع الصناعات الحرفية والتقليدية للقارة الافريقية على ان يقسم الي 55 قسما كل دوله لها قسم لبيع المنتجات وتسويقها الكترونيا تحت شعار صنع في وطني.

  • الهدف من الإجراءات السابقة :

  • تعزيز قاعدة مهارات الشركات السياحية الصغيرة والمتوسطة ، التي غالباً لا تستطيع من تطوير نفسها بسبب  عدم قدرتها على تدريب وتعليم موظفيها بسبب عدم الوعي او عدم معرفة الطريق الصحيح الي ذلك وعدم وعيها بالتطورات و الاستخدام الذكي للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

  • تقديم فرصة متساوية للاستفادة الكاملة لكل الشركات من فرص السوق الرقمية لزيادة القدرة التنافسية بين الجميع.

  • تسهيل الوصول للجميع إلى فرص تجارية جديدة وأسواق جديدة ومضاعفة الارباح.

  • تعزيز إمكانات الابتكار التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في مجال السياحة وتمكين رواد السياحة الشباب من العمل .

باختصار الرقمنة لقطاع السياحة تساعد علي سهولة الوصول إلى السوق المستهدف ، وزيادة النمو في الارباح وفي الدخل العام وتحسين سعر البيع  ، وتحسين الكفاءة التشغيلية ، وشحذ ميزتها التنافسية  في المستوى الجماعي ، و يمكن أن تساعد أيضًا في تطوير وتخصيص عروض المنتجات ، وتحسين اتصال وتواصل الوجهات السياحية وللحديث بقية.

دكتور حسام درويش

الامين العام للمنظمة الافريقية أفرواكت

الامين العام المساعد للتدريب والتسويق والسياحة الالكترونية بالمنظمة العربية للسياحة – جامعة الدول العربية 

خبير التسويق الالكتروني والسياحة الالكترونية المدرب والمحاضر والمؤلف والاستشاري في هذا المجال منذعام 1998.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى