مقالات

مدير قصر العيني الفرنساوي .. مصر مؤهله بامتياز لتكون قبله السياحة العلاجية فى العالم | مجلة السياحة العربية

رغم أن مصر قد نظمت منذ ما يقرب من شهر ونصف مؤتمر « مصر والسياحة العلاجية «والذى أقيم بمحافظة جنوب سيناء وعد خطوة نحو دعم الاقتصاد المصرى بموارد جديدة إلا انه قد افتقر بشكل ملحوظ الى عدم وجود المسئولين عن متلقى الخدمة العلاجية من دول العالم العربى والإسلامى والدول الافريقية,

الأهرام التقى الدكتور نبيل عبد المقصود الاستاذ بطب القاهرة هذه المرة ليس بوصفه مديرا لقصر العينى الفرنساوى الذى نجح فى إعادته مرة اخرى للحياة الطبية وإنما بوصفه صاحب رؤية واعدة لمشروع قومى ضخم يقوم على اعادة استثمار الثروات المعدنية والطبيعية والعلمية والبشرية لمصر يمكن من خلاله ان يحقق أربعة أو خمسة أضعاف ما يحققه القطاعين السياحى والصناعي.

الجديد فى هذه الرؤية انها من اولها الى آخرها لن تكلف الدوله مليما واحدا بل ستدر عليها مليارات الدولارات لو احسن استغلالها وإدارتها بأفكار خارج الصندوق. يقول الدكتور نبيل عبد المقصودَ

« مصر دولة لديها من المقومات الطبيعية والبشرية ما يجعلها فى مصاف الدول الكبرى بلا منازع المشكلة انها تحتاج فقط الى جملة افكار خارج الصندوق « وهذا يجعلنا نفكر فى سؤال هام كيف يمكن ان نجعل من السياحة العلاجية قوة ناعمة مصرية تساهم فى حل الأزمات الاقتصادية المزمنة؟

تكمن اهميةالسياحة العلاجية فى انها تعد اهم مصادر العملات الاجنبية لما يولده الانفاق السياحى من دخل يوفر فرص عمل جديدة كما انها اداه مستمرة لرفع مستوى معيشة الفرد والحد من الفقر ومن ثم تلعب دورا واضحا فى تحقيق التنمية المجتمعية الكريمة القائمة على العمل الجاد ووسيلة فريدة ومبتكرة لتكامل واندماج سكان المحافظات الحدودية بشكل يجعلهم فاعلين اساسيين فى عملية التنمية الوطنية المستدامة.

ودعنى اجزم لك ان السياحة العلاجية من وجهة نظرى تعد أحد اهم واغلى الموارد الهامة فى تنمية الدخل الوطنى والتحول نحو موارد بديلة ودائمة عن الثروات البترولية الناضبة وبناء على ذلك فإن هذا النوع سيكون هو « نفط العالم العربى « فى المستقبل.

ولعلى لا اكون مخطئا ان قلت لك ان هذا النوع يعد الترياق الشافى لكل ازمات السياحة التقليدية التى ربما يمكن ان تتأثر بشكل كبير بأى اعمال ارهابية وذلك لان طبيعة السائح هنا مختلفة الى حد كبير فهذا النوع يحتاج فقط للعلاج والاستشفاء والاستقرار فى مكانه لتلاقى العلاج وبهذا المعني, فالسياحة العلاجية هى الوحيدة التى لا تتوقف فى اى ظرف مهما كان حجمه وأثره.

ولكى نتفهم هذا الطرح دعنى اقول لك أن إنفاق السياح العرب خاصة دول الخليج قد بلغ 27 مليار دولار لعام 2015 مقابل 100 مليار دولار على مستوى العالم، وهناك دول قد حققت ارباحا فلكية من السياحة العلاجية قدرت بمليارات الدولارات تأتى فى مقدمة تلك الدول المانيا وبريطانيا وفرنسا فيما تراجعت امريكا وأوروبا الى المرتبة التالية لارتفاع اسعار العلاج فيها فيما بلغ دخل الهند منها 20 مليار دولار.

وفى المقابل نجد ان هناك دولا عربية قد بدأت محاولات جادة فى هذا المجال كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ولبنان والأردن إذ بلغ دخلها 1.2 مليار دولار وسرعان ما دخلت تركيا هذا المضمار وحققت دخلا قدرة 2.5 مليار دولار.

وأظهرت دراسة حديثة عرضت فى المنتدى السعودى الدولى للرعاية الصحية العام الماضى ان دول الخليج تنفق 5.33 مليار دولار سنويا لعلاج مواطنيها فى الخارج بينما تقدر نفقات السياحة العلاجيه حول العالم بنحو 50 مليار دولار.

هذه الأرقام الهائلة وتلك الدراسات المختلفة تكشف عن حقيقة مؤلمه جدا هى ان هناك اموالا عربية مهاجرة لم تجد ضالتها فى المنطقة العربية وهو ما يتطلب منا العمل بكل همة ونشاط لاستعادتها مرة أخرى وقبل الحديث عن كيفية جذب تلك الاموال علينا ان نوضح انه لا فرق بين السياحة العلاجية والصحية فالسياحة العلاجيه تأخذ شكلان الاول استشفائى بيئى والثانى دوائى جراحي.

وهناك تساؤل يفرض نفسه هل مصر مؤهلة للدخول فى هذا المضمار العالمى ذى التنافسية شديدة الشراسة؟ أجيب بكل صراحة ووضوح نعم مصر مؤهلة بامتياز للمنافسة العالمية رغم كل ما تعانيه من تحديات اقتصاديه وسياسيه وأمنية وذلك للأسباب الآتية من حيث المناخ تعد مصر مناخا صحيا ملائما للاستشفاء من عدد كبير من الأمراض عبر فصولها الأربعة فضلا عن تنوع اماكن الاستشفاء ففيها نحو 1356 عينا للمياه الكبريتية والمعدنية وسلسلة من المستشفيات المتطورة بالاضافه الى معامل التحاليل المتقدمة والتى لا تقل جودة عن مثيلاتها فى الخارج اما عن الخبرة الطبية ففى مصر اكبر مجموعه من الاطباء ذوى الخبره التى لا يمكن تجاهلها فى جميع التخصصات ومن حيث التكلفة المادية نجدها منخفضة جدا وتكاد لا تذكر مقارنةبالخارج فمثلا عملية القلب المفتوح تتكلف فى الخارج ما بين 25 الى 30 الف دولار فى حين ان ذات العملية وبنفس الكفاءة والمهارة تتكلف ما بين 40 الى 60 الف جنيه مصرى اى ما يعادل 3 آلاف دولار. ميزه اخرى تنفرد بها مصر ان الفريق الطبى المعاون يتحدث نفس اللغة لأشقائنا العرب كما انه فى نفس الوقت قادر على التحدث باللغات الأجنبية وهو ما يمثل ميزة نوعيه نفسيا واجتماعيا وطبيا تنعكس إيجابيا على حالة المريض وهذا غير موجود بالمرة فى الخارج رغم كثرة المترجمين.

امر أخر فى ظنى لم نحسن توظيفه على النحو الأمثل واعتبره البعض كارثة اقتصادية بكل المقاييس ألا وهو تحرير سعر الصرف الذى اعتبره نعمة وليس نقمة إذا أننا يمكن تصدير هذه الخدمة للخارج على أن تنفذ بمصر وبذلك نستطيع أن نفتح آفاقا جديدة تدر علينا أرباحا هائلة بالعملات الأجنبية.

> إذا كيف يمكن تطبيق وتنفيذ ذلك على ارض الواقع؟

اسمح لى من خلال منبركم الاهرام الجريدة الاكثر احتراما ومهنيه على مستوى الوطن العربى أن أبعث بنداء واقتراح للقيادة السياسيه بضرورة انشاء هيئه قوميه للسياحة العلاجيه يشترك فيها ممثلون عن وزارات الصحة والسياحة والخارجية والداخلية ولكل من تلك الوزارات اطار عمل فالصحة هى مقدمه الخدمةوالسياحة مسئولة عن خدمة المرافقين والمريض بعد تلقى الخدمة العلاجيه والخارجية هى منفذنا الرسمى للوصول الى المرضى فى دولهم بحيث تقوم سفارتنا الموجودة فى الدول العربية والاسلاميه والافريقيه من خلال مكاتبها الطبية والمستشارين الطبيين والتجاريين بتسويق تلك الخدمةعن طريق الاتصال الفعال والمنظم بالمسئولين عن تحويل مرضى تلك الدول الى البلاد الاوروبيه بعد تقديم الشرح الوافى عن نوعية الخدمةالمقدمه والتسهيلات الممنوحة لإتمام تلك التعاقدات الداخلية مسئولة عن تذليل العقبات المتعلقة بإقامة المرضى وذويهم وتأمينهم من اى سلبيات ممكن التعرض اليها اثناء اقامتهم فى مصر او خلال تنقلاتهم السياحية.

يتم عمل قواعد بيانات للمستشفيات التى سوف تنضم الى تلك المنظومة بعد اعتمادها من الهيئة طبقا لقواعد وشروط صارمة وواضحة يتم الاتفاق عليها لتكون نواة لاستقبال المرضى الوافدين الى مصر مع مراعاة التفتيش الدورى على تلك المستشفيات مع عمل تقييم دقيق للخدمة العلاجية المقدمه لكل حاله مع التأكيد على شطب غير الملتزمين بشروط منظومة السياحة العلاجيه وتوقيع الجزاء الرادع عليهم. كما يتم التنبيه على تلك المستشفيات عدم استقبال حالات علاج فردى إلا بعد إخطار الهيئة واخذ التصاريح اللازمة حتى يمكن متابعة جودة الخدمة المقدمة. إلزام كل مستشفى بضرورة توافر مكتب يتولى عمل الترتيبات اللوجستية اللازمة من سرعة منح التأشيرات ووجود مندوب تابع لكل مستشفى لاستقبال المرضى ومرافقيهم من وإلى المطار مع تسهيل اقامة المرافقين وإدماجهم فى برامج سياحة داخلية للترفيه عنهم بعد التنسيق مع وزارة السياحة.

خطوة هامة ينبغى الاعداد الصحيح لها وتمثل العمود الفقرى فى نجاح المنظومة وهى تكليف المكاتب الطبية بسفاراتنا بالخارج باستقبال الاوراق والمستندات والفحوصات الدالة على حاله المريض الراغب فى تلقى الخدمه بمصر وإرسالها الى الهيئة للفحص واتخاذ اللازم وإرسال الرد للسفارة خلال فترة لا تتجاوز 48 ساعة وذلك حتى يكون المريض على دراية كاملة ووافيه بتكاليف الخدمه العلاجية واسم المستشفى والطبيب المعالج ومكانته العلميه والمدة التى سوف يقضيها بمصر والبرنامج السياحى المخصص له ومرافقيه خلال فترة إقامتهم بمصر. أيضا نحن مطالبون باستحداث إطار عمل جديد للمستشارين الطبيين بمكاتبنا الخارجية لجلب أكبر عدد من المرضى للدخل لتقليل إنفاق العملات الأجنبية التى تدفعها الحكومة لعلاج المصريين هناك.

عقد مؤتمرات وورش عمل يدعى اليها كل من مديرى المستشفيات الكبرى فى الدول العربية والإسلامية والإفريقية وكذا القائمون على التحويل الحكومى للمرضى بتلك الدول للإطلاع على جودة الخدمات الطبية والسياحة المعدة للمرضى الوافدين وذويهم من المرافقين لهم.

تخصيص مكتب تابع للهيئة بالمطارات المصريه لقياس مدى رضا المرضى ومرافقيهم عن جودة الخدمة المقدمة إليهم خلال فترة إقامتهم بمصر.

ولضمان الوصول إلى أكبر شريحة من راغبى العلاج يجب تقسيم المستشفيات الى شرائح فئة خمسه نجوم وأربعه نجوم حتى يمكن استيعاب جميع الفئات وتذليل العقبات الاقتصادية للمريض للوافد بما لا يؤثر على جودة الخدمة المقدمة له.

يشير الدكتور نبيل عبد المقصود الى امر غاية فى الاهمية متعلق بمعايير اختيار الفريق الطبى مقدم الخدمة هو ضرورة حصول الأطباء الحاصلين على درجه الدكتوراه فى تخصصاتهم مع خبرة وتميز تؤهلهم للالتحاق بالهيئة.

ووفق التصور السابق يمكننى القول ان نواه هذا المشروع يمكن تنفيذها فى قصر العينى الفرنساوى فلدينا طابقان كاملان يمكن تجهيزهما على اعلى مستوى طبى وفندقى كى تكون البداية الحقيقيه للمشروع دون اى تكلفه على الدولة بل اننى واثق من قدرة المصريين على إنعاش خزانه الوطن بهذه البداية الجادة ولدينا اطباء مهرة ومتخصصون فى جراحات القلب والصدر والأورام والمخ والأعصاب والسمنة والأمراض الجلدية والكبد ويكفى ان تعرف ان علاج فيروس سى يتكلف فى الخارج ما يزيد عن 38 الف دولار اما فى مصر فلا يزيد على الفى دولار وقس على ذلك بقيه الجراحات والعلاجات ومع الاخذ فى الاعتبار ان الكفاءة والجاهزية الطبية متوفرة لدينا مقارنه بالخارج وربما افضل.

هذه رؤية يشرفنى أن أقدمها للوطن كمشروع واعد يمكن ان يدر على الخزانه العامه اموالا بالعملات الاجنبية تفوق ما نتحصل عليه من القطاع السياحى والصناعى بأربعه أو خمسه أضعاف إذا ما تم إدارته وتقييمه بأفكار خارج الصندوق ولمتخذى القرار الحق فى التعديل والإضافة كما يتراءى لهم كما انه سيسهم فى توفير عدد هائل من الوظائف فى جميع انحاء الجمهوريه كما سيعمل على تحسين الصورة الذهنيه لمصر والمصريين فى زمن قياسى ملموس وملحوظ إذا ما تم استغلاله وإدارته على النحو الصحيح. وحتى اكون منصف وعادل فيما طرحته اود ان اؤكد على ضرورة ان نقتل فى أنفسنا نظريه المجامله والمحسوبية والشللية عند اختيار العناصر البشرية التى سوف تنضم الى تلك الهيئة لان كل ما سبق يمثل منافذ فساد وتعفن ادارى مازلنا نعانى منه فى قطاعات كثيرة.

ونتعهد جميعا بالعمل الجماعى حتى مع من نختلف فكريا وإداريا معهم وان سنه الحياة تقتضى منا ان نتقبل فكرة التغيير بمعنى ان الابدية فى المكان الواحد ليست من أسباب النجاح بل هى اهم أسباب الفشل بامتياز وان مكارم الأخلاق وجودة العمل وحسن الجوار ليست شعارات نظرية نرددها بألسنتنا وإنما أفعال يؤكدها سلوكنا على ارض الواقع بشكل لا يقبل الشك او اللبس. يبقى امر اخير لاكتمال عمل تلك الهيئة وهو التسويق تلك الفريضة الغائبة فى كل بذور نجاحاتنا الوليدة فنحن نحتاج فى البداية لخبرة رجال السياحة سواء فى القطاع الحكومى او الخاص ونتائج ابحاث ودراسات اساتذة كليات السياحة والفنادق للوصول الى تفاهمات عملية يمكن تنفيذها على ارض الواقع بلا تردد مع ضرورة الاستعانة بخبرة رجال القانون فى اقتراح او تعديل بعض القوانين للوصول بأهداف هذا المشروع إلى أقصى استفادة ممكنة.

يجب الاستعانة بشباب المبدعين والتقنيين المصريين لعمل تطبيق الكترونى جذاب ومشوق على الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية يكون متصلا مباشرة مع الهيئة للتواصل السريع والمباشر مع طالبى الخدمه العلاجيه. ايضا نحتاج بشكل عاجل ان نجد صيغة وطنية تنموية يتبناها اعلامنا المسموع والمرئى والمكتوب الخاص منه والحكومى كى نتصدى لحالات التشويه المتعمدة احيانا لكل ما هو مشرق وناجح فى وطننا وأنا لا أعنى بذلك اننى انشد اعلاما خاليا من المعنى والمضمون ولكن اعلام يبنى لا يهدم، ينير ولا يضلل، يخاطب العقل قبل الفؤاد، يتبنى نبرة هادئة متفائلة لا مضللة ومتشائمة باختصار اعلام يحمى مقدرات الوطن وابنائه خاليا من المزايدات والشحاذة المهنية والتسول الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى