سونيا ابيضي _ تونس
تمر في كل الازقة و الانهج والشوارع في تونس من اقصى شمالها الاخضر الى اقصى جنوبها الذهبي الرائع الغني في هذه الفترة وبعد ان دخلت هذه الرقعة الجغرافية الصغيرة من العالم في غيمة من الديمقراطية نرجوها دائمة تجد نفسك امام مهرجان من الالوان والزخارف و الاشكال والرسوم .. امام شباب واطفال ونساء ورجال خرجوا جميعا لتجميل بيتهم الكبير .. ينظفون ، يجمعون … يقلّمون ، يرسمون ويلونون فيحولون القتامة الى مهرجان من الالوان الزاهية …
بعد الانتخابات الرئاسية في تونس والتي هبّ اليها الشباب بعد عزوف طويل في كل شبر ليضع تونس بين الايادي التي يراها أمينة دون ضغوط وبكل ثقة وشموخ لم ينتظر كثيرا بل التفت الجميع حولهم يصلحون ما تلف ويجمعون شتات الجمال ويفتحون طريقا يدخلون عبرها بتونسنا الجديدة الى تاريخ جديد كله الوان واشكال وطموح فانتشرت حملات النظافة في كل المدن والقرى بل وحتى الارياف المنعزلة فكنت لا تدخل منطقة الا وتجد فئات مختلفة من الاعمار تعمل في جدّ وكدّ من تنظيف وتلوين وتجميع … يقولون هي حالة وعي هبّت على افراد المجتمع التونسي ولكن اقول ان تونس تعيش الوعي منذ 14 يناير 2011 يوم وضعت حدا للطغاة وأشعلت الشوارع ضجيجا وشغلت العالم تطالب بالحرية والعيش الكريم …هي ليست حالة وعي بقدر ماهي لحظة تاريخية يخطها شعب بقوة ارادته .. لحظة تاريخية اراد من خلالها التونسيون الدخول في حقبة اخرى بمحو ما بقي من الحقبة السابقة … لحظة احس فيها المجتمع التونسي بان الكلمة له وانه هو صاحب القرار وان تونس لا يليق بها الا ان تكون جنة العالم …
تمر ببنزرت هذه المدينة السياحية المتربعة في اقصى الشمال التونسي فتجد رصيف ميناءها القديم قد تحوّل الى ازرار ألة البيانو فاذا بالمار هو العازف لحنه كما يشاء وتمر بزغوان مدينة المياه العذبة والجبال الشاهقة فتجد ارصفة الازقة العتيقة اصبحت زرابي مفروشة والوان مبثوثة اما جندوبة محافظة كل الخيرات والجبال والسهول والسدود والمتوسط فتجدها زاهية نظيفة بكل مدنها وقراها عروس يوم زفافها …اما قابس مدينة الواحات والكرم فجدران الشوارع اصبحت لوحات فنية معلقة …
اربع وعشرون محافظة تحولت في الحملة الوطنية للنظافة في تونس الى لوحات ربيعية وشوارع زاهية غناء وموسيقى مرسومة تعزف الحان الحرية والكرامة … اكثر من عشرين محافظة تحولت الى معرض لوحات فنية دائم …اصبح السائح الذي تطأ قدمه تونس الان يخال نفسه في مساحة مزهرة خضراء زاهية ألوانها كتلك التي نراها في الرسوم المتحركة فنرجو دنوها منا ودنونا منها ..جنّة لا حدود لها الا متى غادرت تونس ..
حين تجد ان مصبات القمامة قد تحولت الى باقات زهور زاهية مرسومة تحيط بك من كل جانب فاعلم انك في تونس … حين تخطو خطواتك فوق مفاتيح بيانو ابدع في رسمه شباب طامح فاعلم انك بتهوفن تونس … حين تجد نفسك ترسم خطواتك في كل الشوارع فوق اشكال هندسية ملونة يستحي الحذاء ان يدوسها فقل هنا تونس …
