السياحة العربية

موقع الأخدود متحف تاريخي حي عمره فوق 2000 عام

مجلة السياحة العربية – سحر السقا

تحتضن منطقة نجران العديد من الأماكن الأثرية والتاريخية والسياحية ومن أبرزها: موقع الأخدود الأثري، وقصر الإمارة التاريخي، وآبار حمى، والعديد من القرى التراثية المنتشرة على ضفاف وادي نجران.

فقرية الأخدود التي تقع على مساحة 5 كيلومترات مربعة جنوب غرب المنطقة وتحكي قصة أناس عاشوا قبل أكثر من ألفي عام ورد ذكرهم في القرآن الكريم.

وقد شهد موقع الأخدود الأثري بمنطقة نجران إِقْبَالَاً كبيراً الزوار من جنسيات مختلفة ومن أَهَالِي وزوار المنطقة لهذا العام وذلك للاطلاع على ما يحتويه الموقع من آثار تاريخية عريقة.

87262655_635338370367135_8106910513918640128_n

واستقبل مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة نجران صالح محمد آل مريح وزملائه الوفود الزائرة بموقع الأخدود الأثري ،وأستمعوا لشرح مفصل من آل مريح عن محتويات الموقع من الرسومات والأسوار والنقوش الأثرية والقلعة ورحى الأخدود واطلعوا على المشاريع التطويرية الجاري تنفيذها بالموقع.

أصحاب الأخدود

وشهدت نجران طوال تاريخها أحداثا مهمة، تمثلت في الحملات العسكرية الكثيرة التي تعرضت لها من قبل القوى العظمى في فترات مختلفة من التاريخ. أدت بعض هذه الأحداث إلى حصارها واحتلالها، والبعض الآخر إلى تدميرها. وأبرز تلك الأحداث هي حادثة الأخدود، المذكورة في القرآن الكريم، التي ذهب ضحيتها آلاف من أبناء المنطقة في محرقة كبيرة قبل أكثر من 2000 عام. حدث ذلك بعد أن أقدم ذو نواس، آخر ملوك التبابعة على الانتقام من مسيحيي نجران، عندما رفضوا اعتناق الديانة اليهودية.

88321528_1021149354922728_1861731394963636224_n

كما تتمتع المنطقة بوجود آثار ومواقع مهمة تعود للفترات البيزنطية والأموية والعباسية، وكلها تؤكد أن المنطقة كانت ذات موقع تجاري وزراعي مهم وعمق حضاري لافت.

وتعد نجران، بما سجله التاريخ فيها، متحفًا تاريخيًا حيًا، وخصوصًا بعد اكتشاف آثار متعددة. حيث تشتمل على نقوش وكتابات بالخط المسند، وهو الخط الذي استخدمته دولة “حمير” بين (115 قبل الميلاد و14 ميلادية)، ونقوش هيروغليفية ومصرية قديمة. إضافة إلى نقوش كوفية يعود تاريخها للعصور الإسلامية الأولى. وربما الأهم من ذلك، هو العثور على رسوم لبعض الحيوانات من خيول وجمال ونعام وظباء، إلى جانب مصنوعات يدوية مهمة، تثبت تواجد العنصر البشري في المنطقة خلال العصر الحجري.

وأظهرت الاكتشافات الأثرية الأخيرة أن المنطقة شهدت قيام عدة حضارات، يعود بعضها إلى العصر الحجري. عثر الباحثون فيها على آثار حضارة إنسانية تعود إلى أكثر من مليون سنة. كما تم الكشف عن آثار لبحيرات قديمة تدل على أن تلك المنطقة، الواقعة في أحضان الربع الخالي، كان لها أهمية تاريخية كبيرة، مما جعلها نقطة ارتكاز في صراع الممالك العربية القديمة الراغبة في السيطرة على تلك الواحات الخضراء. وبالتالي، شكل موقع نجران أهمية اقتصادية بوصفها ممرًا رئيسيًا لأحد أهم طرق التجارة القديمة، ونقطة التقاء لقبائل غرب ووسط الجزيرة العربية.

88357308_161047901575321_8161583574990979072_n

ويعد موقع الأخدود الأثري نموذجًا للمدن المميزة لحضارة جنوب الجزيرة العربية، وهو الموقع الذي كانت تقام عليه مدينة نجران القديمة، التي ورد ذكرها في نقوش جنوب الجزيرة العربية باسم (ن ج ر ن). ويعود تاريخ القلعة أو القصبة التي تشكل العنصر الأبرز في الموقع إلى الفترة الممتدة من 500 قبل الميلاد إلى منتصف الألف الأول الميلادي، وهي فترة الاستيطان الرئيسية للموقع.

والقلعة أو القصبة هي عبارة عن مدينة متكاملة مستطيلة الشكل يحيط بها سور بطول 235 مترا. ويمثل نظام التحصين للقلعة، الذي كان معمولاً به في مدن جنوب الجزيرة العربية، نظاما دفاعيا قويا، يحمي المدينة وسكانها من الهجمات الخارجية.

ونظرًا لأهمية هذا الموقع من الناحية التاريخية والأثرية، نفّذت فيه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني كثيرا من الأعمال الأثرية، تمثلت في إجراء حفريات داخل القلعة أسفرت عن عدة نتائج مهمة. منها اكتشاف مسجد شمال شرقي القلعة، يعد الأقدم في المنطقة حتى الآن، حيث يعود تاريخه إلى القرن الأول الهجري (السابع – الثامن الميلادي)، ولا تزال أعمال الحفر والتنقيب الأثري مستمرة في الموقع.

89813964_2527510014170705_5840890304034504704_n

وكشفت أعمال المسح الأثري للنقوش في هذه المنطقة عن رسومات مهمة احتوت على نقوش صخرية متعددة ومتنوعة، يمتد تاريخها من 7000 ق.م، إلى 1000 ق. م، وتم التوصل من خلالها على معلومات مهمة عن حياة الإنسان في تلك الفترة، فسكان المنطقة آنذاك قد استأنسوا الكلاب السلوقية، واصطادوا الجمال وغيرها، مستخدمين أسلحة متنوعة منها الرماح، والعصي، والأقواس، والسهام ذات الرؤوس المزدوجة.

ومنذ أن بدأ التنقيب في منطقة الأخدود الأثرية تم اكتشاف العديد من الأثريات والأواني الفخارية، وأدوات الزينة والعملات، وتشير شواهد القبور التي تخص المنطقة الإسلامية، إلى احتواء المدينة الأثرية على منطقة إسلامية، بها جزء من القبور الإسلامية المدوّن عليها اسم صاحبها وتاريخ وفاته، وتم اكتشاف العديد من المدافن في الأجزاء الأخرى من المدينة والتي تعود إلى ما قبل الميلاد.

وتقول الشواهد إن الجزء الجنوبي والشمالي من المدينة، يبدو من خلال الحفريات وعمليات التنقيب، سكنت ما بعد الإسلام، واستُخدِم الجزء الجنوبي منها كمقابر إسلامية.ولم يتم العثور في بقية الأخدود على أي أثر إسلامي، يدل على استخدامه من قبلهم سكنا أو مأوى.

89878638_497364484287968_88557269251260416_n

وأوضح مدير عام فرع هيئة السياحة والتراث الوطني بمنطقة نجران صالح آل مريح أن موقع الأخدود يعد أبرز المعالم الأثرية ليس على مستوى المنطقة فقط بل على مستوى الجزيرة العربية لأنه يروي قصة من أعظم القصص التي حدث في التاريخ.

وأضاف آل مريح بأن هذا الموقع جعل من منطقة نجران أحد مناطق السعودية جذباً للسياح، ولا يخلو من السياح العرب وكذلك الأجانب الذين قطعوا آلاف الكيلومترات لمشاهد أحد أهم القصص التاريخية العظيمة.
وأكد آل مريح أن الموقع يحظى باهتمام من صاحب السمو الملكي رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وكذلك توجيه وحرص ومتابعة من صاحب السمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة نجران رئيس مجلس التنمية السياحية للعمل على تطويره. حيث تم تسوير الموقع ووضع جلسات داخلية بالإضافة إلى ممشى ومقهى تراثي. كما يتم إجراء أعمال بحثية مستمرة كانت ولا زالت نتائجها مبهرة.

ويشير آل مريح ، إلى أن منطقة الأخدود الأثرية تحتاج إلى ما يقارب السنوات لمعرفة جميع أسرارها، وأن ما تم اكتشافه حتى الآن لا يمثل إلا جزءا من آثارها ومعالمها، وقال صالح: منذ أن تم التنقيب في منطقة الأخدود الأثرية، ومنذ عام 1997، اكتشفنا العديد من الآثار الإسلامية، مُشيرا إلى احتواء المدينة الأثرية على منطقة إسلامية، بها آثار عمن سكنها وعاش فيها خلال تلك الفترة، كما تم اكتشاف العديد من المدافن في الأجزاء الأخرى من المدينة، والتي تعود إلى ما قبل الميلاد.

وحول ما تحتويه منطقة الأخدود، يضيف: إنها عبارة عن مبانٍ مُتهدمة باق منها الأساسات والجدران، وبعض القطع الحجرية الضخمة كالرحي ومنطقة السوق التجاري، أيضا هناك بعض الكتابات والنقوش على الصخر بالخط المسند، الذي كان يستخدمه عرب الجنوب، وينتشر في المدينة الفخار الذي كان الأداة المستخدمة في ذلك الوقت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى